بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ. فَيُجْزِئُ صَغِيرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واحتج الشافعي على التقييد بحديث معاوية بن الحكم: أنه سال النبي صلى الله عليه وسلم أن عليه عتق رقبة فهل تعتق عليه هذه الجارية؟ فقال لها رسول الله ملى الله عليه وسلم: (أين الله؟) قالت: في السماء، فقال: (من أنا؟) فقالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أعتقها فإنها مؤمنة) ولو كان يجزئه غير المؤمنة .. لقال: أعتق أي رقبة شئت.
قال: (بلا عيب يخل بالعمل والكسب) كذا عبر الرافعي، وكأنه يحترز ب (الإخلال بالعمل) عن نقص الذات، وب (الكسب) عن المعاني كالمجنون، أو يكون من عطف الأعم على الأخص.
وعبارة (الروضة) و (البحر) وغيرهما: يضر بالعمل إضرارًا بينًا.
وإنما اشترط ذلك ليتفرغ العبد بالعتق للعبادة وإلى وظائف الأحرار، وإنما يحصل، ذلك إذا استقل وقام بكفاية نفسه، وإلا .. فيصير كلًا على الناس.
واحتج الشافعي عاين ذلك بالإجماع، وخلاف داوود حدث بعد الشافعي، فإنه جوز عتقها مع كل عيب؛ لأن اسم الرقبة يقح على ذات العيب كما يقع على السليمة.
قال: (فيجزئ صغير)؛ لأنه يرجى كبره كالمريض، بخلاف الهرم، وخالف الغرة حيث لا يجزئ فيها الصغير: لأنها حق آدمي، لكن المستحب أن لا يعتق إلا البالغ للخروج من الخلاف؛ فإن مالكًا يقول: لا يجزئ إلا من صام وصلى، يعني يذلك بعد البلوغ، وأحمد يقول: لا بد أن يكون بالغًا، وروي عنه أنه قال: يشترط أن يستقل بنفسه، وكأنه يريد بذلك المميز.
وظاهر عبارة المصنف إجزاء الرضيع وابن يوم، وهو كذلك.
فإن قيل: كيف يجزئ ولا يعرف بطش يديه ولا مشي رجليه ولا إبصار عينيه ولا سماع أذنيه؟ فالجواب: أنا نحكم بذلك بناء على السلامة، فإن تبينا خلاف ذلك .. نقضنا الحكم، وقد يجاب عن هذا بأنه يموت قبل الإحاطة بسلامته