وَلاَ يَخْفَى الْوَرَعُ. وَلَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ ذَا الطَّائِرُ غُرَاباً .. فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ آخَرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَامْرِأَتِي طَالِقٌ وَجُهِلَ .. لَمْ يُحْكَمْ بِطَلاَقِ وَاحِدِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
النجاسة أن يتحققها في طرف من الثوب ويشك في إصابتها طرفاً آخر .. فلا يجب غسل الطرف المشكوك فيه.
قال: (ولا يخفى الورع) أي: في الصورتين وهو الأخذ بأسوء التقديرين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) رواه أحمد [1/ 200] والترمذي [2518] والنسائي [8/ 327] عن الحسن بن علي مرفوعاً، ففي الأولى يراجع إن كان له الرجعة، وإلا .. فيجدد النكاح إن كان له رغبة، وإلا .. فينجز طلاقها، وأما في هذه .. فالورع أن يبتدئ إيقاع طلقتين لا إيقاع ثلاث.
و (الورع): الكف عن المحارم والتخرج منها، هذا أصله، ثم استعير للكف عن المباح والحلال. وفي الحديث: (ملاك الدين الورع).
جاء رجل إلى أبي حنيفة رحمه اله فقال: لا أدري أطلقت امرأتي أم لا، فقال له: المرأة امرأتك حتى تستيقن أنك طلقتها، فتركه ثم جاء إلى سفيان الثوري فسأله فقال: اذهب فراجعها فإن كنت طلقتها .. فقد راجعتها، وإلا .. فلا تضرك المراجعة، فتركه وجاء إلى شريك فقال: اذهب فطلقها ثم راجعها، فتركه وجاء إلى زفر فسأله فقال: هل سألت أحداً؟ قال: نعم وقص عليه القصة، فقال قي جواب أبي حنيفة: الصواب ما قال لك، وقال في جواب سفيان: ما أحسن ما قال لك، فلما انتهى إلى قول شريك .. ضحك ملياً ثم قال: لأضربن لهم مثلاً: رجل يشك في ثوبه هل أصابته نجاسة .. فقال له أبو حنيفة: ثوبك طاهر حتى تستيقن، وقال سفيان: اغسله فإن كان نجساً .. فقد طهرته، وإلا .. فقد زدته طهارة، وقال شريك: بُلْ عليه ثم اغسله.
قال: (ولو قال: إن كان ذا الطائر غراباً .. فأنت طالق، وقال آخر: إن لم يكنه فامرأتي طالق وجهل .. لم يحكم بطلاق واحد)؛ لأن الأصل بقاء النكاح وشككنا في رافعه كما إذا سمعنا صوت حدث بين اثنين ثم قام كل منهما إلى الصلاة .. لم يكن