بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ, وَلاَ يَضُرُّ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الإمام: ولا تبعد في اللغة تسمية كل تعليق استثناء؛ فإنه تثنية عن الإطلاق. قال: (بشرط اتصاله) أشار إلى أنه لا تكفي فيه النية, بل لابد فيه من اللفظ عند القدرة عليه, ولابد من اتصال لفظه بلفظ المستثنى منه بإجماع أهل اللغة, فالسكوت الطويل المؤذن بالإعراض يبطله, وقد تقدم عن الإمام أن الاتصال المشروط هنا أبلغ مما يشترط بين الإيجاب والقبول؛ لأنه يحتمل بين كلامي الشخصين ما لا يحتمل بين كلام الشخص الواحد, ولذلك لا ينقطع الإيجاب والقبول بتخلل كلام يسير في الأصح, وينقطع به الاستثناء على الصحيح, كذا في (الروضة) و (الشرح) ههنا, وجزماً في (البيع) بأن تخلل الكلام يضر, ولم يفرقا بين قليل وكثير, وما صححه الشيخان هنا من أن الكلام اليسير يقدح في الاستثناء يخالفه قولهم: إنه لو قال: أنت طالق ثلاثاً يا زانية إن شاء الله .. فإن الاستثناء يصح.
وما حكياه في (كتاب الإقرار) عن صاحبي (العدة) و (البيان) أنه لو قال: له علي ألف أستغفر الله إلا مئة .. يصح كما إذا قال: ألف يا فلان, قال المصنف: وفيه نظر.
وفي (الوسيط) وغيره عن ابن عباس تجويز الاستثناء المنفصل, ثم اختلفوا فقيل: إلى سنة, وقيل: إلى شهر, وقيل: أبداً, وهو الذي يقتضيه كلام الأكثرين في النقل عنه كالشيخ أبي إسحاق وإمام الحرمين وصاحب (المعتمد) وغيرهم, واستدل له بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (من حلف واستثنى .. فله ثُنْيَاه) وبقول العباس: إلا الإذخر؛ فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا فقال: (إلا الإذخر).
قال: (ولا يضر سكتة تنفس وعيٍّ) وكذلك عروض السعال وانقطاع الصوت؛ لأنه يعد في العادة متصلاً.