وَإِنْ قَالَ كُلَّ: إِنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَدِّ .. تَعرَّفَ اَلْقَاضِي اَلْحَالَ بِثِقَةٍ يَخْبُرُهُمَا وَمَنَعَ اَلَظَّالِمِ، فَإِذَا اَشْتَدَّ اَلْشَّقَاقُ .. بَعَثَ حَكَمًا مَنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: (وإن قال كل: إن صاحبه متعد .. تعرف القاضي الحال بثقة يخبرهما ومنع الظالم) عن الظلم، أشار إلى الحال الثالث، وهو أن ينسب كل واحد منهما الآخر إلى التعدي وسوء الخلق وقبح السيرة، والقاضي لا يعرف ذلك، فيتعرف حالهما من ثقة في جوارهما خبير بشأنهما.
فإن لم يكن .. أسكنهما بجنب ثقة يفحص عن حالهما وينهيه إليه، فإذا تبين له الظالم منهما .. منعه من ذلك.
قال الرافعي: كذا أطلقوه، وظاهر كلامهم الاكتفاء فيه بقول واحد كالرواية دون الثبوت بالشهادة، فإن لم يمتنع .. أحال بينهما حتى يرجعا عن عداوتهما.
قال: (فإن اشتد الشقاق .. بعث حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها)؛ لقوله تعالى: {وإنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا} الآية.
وروي الترمذي والنسائي: أن عقيل بن أبي طالب تزوج فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، فكان إذا دخل عليها .. تقول: أين عتبة بن ربيعة بن شيبة بن ربيعة بن الوليد بن عتبة! أين الذين كانت أعناقهم كأباريق الفضة، ترد الماء أنوفهم قبل شفاههم، فألحت عليه في ذلك، فدخل يومًا وهي تقول ذلك، فقال: على يسارك إذا دخلت النار، فشدت عليها ثيابها وأتت عثمان بن عفان فذكرت له ذلك، فأرسل ابن عباس ومعاوية، فرأى ابن عباس التفريق بينهما، وقال معاوية: ما كنت لأفرق بينهما، فأتياهما فواجدهما قد اصطلحا.
والأصح: أن هذا البعث واجب، والمنصوص: أنه يستحب، وكذلك كونه