فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ لَيْسَ كُفْءً أَرْفَعَ مِنْهُ؛ فَكَنَّاسٌ وَحَجَّامٌ وَحَارِسٌ وَرَاعٍ وَقَيُمُ الْحَمَّامِ .. لَيْسَ كفْءً بِنْتٍ خَيَّاطٍ، وَلاَ خَيَّاطٌ .. بِنْتَ تَاجِرٍ أَوْ بَزَّازٍ، وَلاَ هُمَا .. بِنْتَ عَالِمٍ وَقَاضٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قالت عائشة: لما استخلف أبو بكر قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤنة أهلي، وقد شغلت بأمر المسلمين، فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال، ويحترف للمسلمين فيه.
قال: (فصاحب حرفة دنيئة ليس كفء أرفع منه) استدلوا له بقوله تعالى: {وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} قيل: أراد سبب الرزق، فبعضكم يصل إليه بسهولة وبعضكم بمشقة.
وقيل: لا تعتبر الحرفة حكاه الرافعي في كلامه على ألفاظ (الوجيز)، وحذفه من (الروضة)، واقتضى كلام الصيمري: أنه المذهب.
وضبط الإمام الحرفة الدنيئة بكل ما دلت ملابسته على انحطاط المروءة وسقوط النفس كملابسة القاذورات.
قال: (فكناس وحجام وحارس وراع وقيم الحمام .. ليس كفء بنت خياط، ولا خياط .. بنت تاجر أو بزاز، ولا هما .. بنت عالم وقاض)؛ لأن العرف قاض بذلك، واحتجوا له بما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: (العرب أكفاء بعضهم لبعض، قبيلة لقبيلة، وحي لحي، ورجل لرجل، إلا حائك أو حجام) رواه ابن أبي حاتم في (علله) وأبو عمر في (التمهيد)، والبيهقي من طرق كلها ضعيفة باطلة لا يصح منها شيء، إلا أن العرب كانت تعير بمثل ذلك، قال الشاعر (من الرجز):
لست براعي إبل ولا غنم .... ولا بجزار على ظهر وضم
باتوا نيامًا وابن هند لم ينم