أَوْ لِدَيْنٍ لاَ يَرْجُو لَهُ وَفَاءً، وَاللهُ أَعْلَمُ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أو لدين لا يرجو له وفاء والله أعلم)؛ لأنه حق واجب فلا يترك لسنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت) رواه أبو داوود والنسائي وصححه الحاكم.

وأما الدين، فإن غلب على ظنه وفاؤه من جهة أخرى .. فلا بأس بالصدقة.

وكلام المصنف في (شرح المهذب) مخالف لكلامه هنا وفي (الروضة).

وقال الشيخ محب الدين الطبري: في إطلاق التحريم نظر؛ فإن كبار الصحابة كانوا يؤثرون حالة الضرورة، ويخرجون عن جميع أموالهم ولا يتركون لعيالهم شيئًا، وكانوا يقترضون ويتصدقون، قال: والظاهر اختلاف الحكم باختلاف الأحوال، فعمر تصدق بنصف ماله، وأبو بكر الصديق بجميعه، فكان بينهما كما بين كلمتيهما، فسبحان من فاوت بين الخلق.

الصديق تصدق بجميع ماله وثعلبة بخل بزكاته، وقيل للخليل: اذبح ولدك .. فأضجعه للذبح، وقيل لبني إسرائيل اذبحوا بقرة .. فذبحوها وما كادوا يفعلون.

ولا فرق بين دين الزكاة وغيره؛ لأنها على الفور.

وقال الماوردي: لا تستحب الصدقة لمن عليه زكاة.

ثم لا يكفي في منع التحريم مطلق رجاء الوفاء، بل لابد من استناده إلى سبب ظاهر كما قاله في (الإحياء)، وكلام (الروضة) في (الشهادات) يقتضيه.

وينبغي تخصيص المنع بدين يتعين وفاؤه على الفور، فإن كان على التراخي .. فيجوز، وقد نزل ابن الرفعة الوجهين بالتحريم والمنع على هاتين الحالتين، قال: وعلى التحريم هل يملكها المتصدق عليه؟ يشبه أن يكون على الوجهين فيما إذا وهب الماء الذي يحتاج إليه بعد دخول الوقت، ومقتضاه: أنه لا يملكه على الأصح، لكن جوزوا للمدين تخصيص بعض الغرماء بجميع ماله، ولعل الفرق أن في ذلك إسقاطًا عما في الذمة بخلاف الصدقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015