وَلَوْ عُدِمَ الأَصْنَافُ فِي الْبَلَدِ .. وَجَبَ النَّقْلُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بينا عمر نصف النهار قائل في ظل شجرة إذا أعرابية فتوسمت الناس، فجاءته فقالت: إني امرأة مسكينة ولي بنون، وإن أمير المؤمنين عمر بعث محمد بن سلمة ساعيًا فلم يعطنا، فلعلك يرحمك الله أن تشفع لنا إليه فصاح بيرفأ أن ادع لي محمد بن مسلمة، فقالت: إنه أنجح لحاجتي أن تقوم معي إليه، فقال: إنه سيفعل إن شاء الله.
وروي أنه قال لها: اذهبي فقولي له: هذا الرجل يدعوك فقالت: ليس هكذا يكون الشفيع، فجاء محمد بن سلمة فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فاستحيت المرأة فقال عمر: والله ما آلو أن أختار خياركم، كيف أنت قائل إذا سألك الله عن هذه؟! فدمعت عينا محمد ثم قال: أد إليها صدقة العام وعام أول، وما أدري لعلي ما أبعثك، ثم دعا إليها بجمل وأعطاها دقيقًا وزيتًا وقال: خذي هذا حتى تلحقينا بخيبر فإنا نزيدك، فأتته بخيبر .. فدعا لها بجملين آخرين وقال: خذي هذا حتى يأتيك محمد فقد أمرته أن يعطيك حقك للعام وعام أول.
قال الشيخ رحمه الله: في هذا الأثر دليل على أن مال السنة إذا فرق على المستحقين وتأخر بعضهم .. يعطى من تأخر من السنة القابلة عنها وعن الماضية، وهذا يقع كثيرًا في المدارس، ويقول من لا علم له: لا نفرق مال سنة في سنة، وإنما ذلك عند عدم المباشرة والاستحقاق، أما معهما .. فيعطى؛ لهذا الأثر، ويكون المتأخر لتلك المرأة دينًا على جهة الزكاة كدين على بيت المال، وكذا نقول في المتأخر لفقيه على وقف.
قال: (ولو عدم الأصناف في البلد .. وجب النقل) أي: إلى أقرب بلد بالاتفاق كما أنا نراعي بقية الأصناف بالرد، فإذا لم نجدهم .. انتقلنا إليهم، ولأن صدقات بني تميم قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم، وصدقات طيء قدمت مع عدي بن حاتم على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
وليكن النقل إلى أقرب البلاد إليه، وإلا .. فهو على الخلاف في نقل الصدقات،