وَ (الْمِسْكِينُ): مَنْ قَدَرَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَسْبٍ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ وَلاَ يَكْفِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ففي (الصحيحين) أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتجزيء الصدقة عنها على زوجها وعلى أيتام في حجرها؟ فقال: (لها أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة) وترجم عليه البخاري (الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر)، وأخذ ذلك من قوله: (أفتجزيء عني)؛ لأن ذلك إنما يستعمل في الواجب غالبًا.
قال: (و (المسكين)): من قدر على مال أو كسب يقع موقعًا من كفايته ولا يكفيه) على ما يليق بحاله، كما إذا احتاج إلى عشرة وعنده سبعة أو ثمانية، وكذا كفاية من تلزمه نفقته.
والدليل على أن الفقير أشد حاجة من المسكين: أن الله تعالى بدأ به كما تقدم وقال: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَت لِمَسَكِينَ} فأثبت لهم مالاً، وقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم وَأَمْوالِهِم}، وقال: {يَأيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ} أي: لا تملكون شيئًا، ولم يقل: أنتم المساكين.
وقال الأصمعي: المسكين أحسن حالاً من الفقير، ووقع في كلام الرافعي وغيره الاستدلال بأن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من الفقر وسأل المسكنة، فاستعاذته من الفقر، رواها أبو داوود والنسائي من رواية أبي هريرة، وإسناده على شرط مسلم، ومتفق عليه أيضًا من رواية عائشة، لكن من فتنة الفقر.
وقوله: (اللهم؛ أحيني مسكينًا) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم والبيهقي بإسناد لا علة له، قال: والاستدلال بذلك خطأ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أغنى الخلق، والمسكنة التي سألها ليست أخت الفقر، إنما هي من السكون والتواضع، وهي من أعظم العبادات، فكأنه سأل الله تعالى أن لا يجعله من الجبارين المتكبرين، وأن لا يحشره في زمرة الأغنياء المترفين، قاله البيهقي.
وقال أبو حنيفة: المسكين أسوأ حالاً من الفقير، وساعده أبو إسحاق المروزي، وهذا الخلاف لا تظهر له فائدة في الزكاة؛ فإنه لابد من إعطاء الصنفين، وإنما تظهر فيما إذا أوصى للفقراء بمئة وللمساكين بخمسين، أو بالعكس، أو وصى للفقراء دون