ثُمَّ سَائِرَ الْبُطُونِ الأَقْرَبَ فَالأَقْرَبَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ الأَنْصَارَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم بعد عبد العزى بني عبد الدار، وهما ابنا قصي.
قال: (ثم سائر البطون الأقرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ لأن كل الشرف والخير في القرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقدم بعد عبد الدار بني زهرة بن كلاب، وهو أخو قصي، وهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، ثم بنو تيم، ومنهم أبو بكر وطلحة رضي الله عنهما، وقدموا على بني مخزوم؛ لأن عائشة رضي الله عنها منهم، وهكذا.
قال: (ثم الأنصار) أي: بعد انتهاء قريش يقدم الأنصار من الأوس والخزرج؛ لقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ والأَنصَارِ}، ولأن لهم من الأثر في الإسلام ما ليس لغيرهم؛ فإنهم آووا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصروه وآثروه وأصحابه على أنفسهم في المنازل والأموال، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث طويل: (لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، والأنصار شعار والناس دثار، ولو سلك الناس واديًا وشعبًا .. لسلكت وادي الأنصار وشعبها).
وفي (صحيح البخاري) في (كتاب المغازي) عن أنس أنه قال: (قتل منهم يوم أحد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون).
وفيه أيضًا عن غيلان بن جرير قال: (قلت لأنس بن مالك: أرأيت اسم الأنصار أكنتم تسمون به أم سماكم الله به؟ قال: بل سمانا الله تعالى به).
وروى أحمد عن أنس: أن الأنصار اجتمعوا فقالوا: إلى متى نشرب من هذه الآبار، فلو أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فيدعو لنا أن يفجر الله لنا من هذه الجبال عيونًا، فجاؤوا بجماعته إليه صلى الله عليه وسلم، فلما رآهم ... قال: (مرحبًا وأهلاً، لقد جاء بكم إلينا حاجة؟) قالوا: إي والله يا رسول الله، قال: