وَخُمُسُهُ لِخَمْسَةٍ: أَحَدُهَا: مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ كَالْثُّغُورِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قلنا: أطلق هاهنا وقيد في الغنيمة فحمل المطلق على المقيد جمعًا بينهما؛ لاتحاد الحكم، واختلاف السبب، فإن الحكم واحد وهو رجوع المال من المشركين للمسلمين، إلا أنه اختلف سببه بالقتال وعدمه كما حملنا الرقبة في الظهار على المؤمنة في كفارة القتل.
قال: (وخمسه لخمسة) كخمس الغنيمة المدلول عليه بقوله تعالى: {واعْلمُوا أنَّما غَنِمتُم من شَيءٍ} الآية، فيقسم مال الفيء أولاً على خمسة أقسام متساوية، ثم يؤخذ منها سهم يقسم خمسة أسهم فتكون القسمة من خمسة وعشرين، هكذا كان يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان له الأخماس الأربعة وخمس الخمس الآخر، فله أحد وعشرون سهمًا ينفق منها على نفسه وعياله ويدخر مؤنة سنة، وما بقي يصرفه في المصالح، كذا قاله الجمهور.
وقال الغزالي وغيره: كان الفيء جميعه له صلى الله عليه وسلم إلى أن مات، وإنما خمس بعد موته، وما جزم به المصنف هو المذهب.
وفي قول: جميع الفيء لخمسة؛ لظاهر آية (الحشر).
وأجاب الأول بأن المراد: يقسم الخمس منه لخمسة كخمس الغنيمة، والباقي لمن أضيف له في صدرها وهو النبي صلى الله عليه وسلم، كما بقيت الأخماس الأربعة للمقاتلين الذين أضيف إليهم في صدر آيتهم بقوله: {غَنِمتُم}.
قال: (أحدهما)؛ يعني: أحد الخمسة التي يقسم عليها خمس الفيء (مصالح المسلمين كالثغور)، وهي: مواضع المخافة من أطراف بلاد المسلمين الملاصقة لبلاد المشركين، والمراد: سدها بالرجال والعدد وإصلاحها؛ لأن بها يحفظ المسلمون.
قال: (والقضاة والعلماء)، وكذلك الأئمة والمؤذنون، وكذا كل من يفعل أمراً تعود منفعته على المسلمين ولو اشتغل بالكسب لتعطل عنه، كالمشتغل بالعلوم