وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ مِنْ مَفَازَة: فَإِنْ شَاءَ .. عَرَّفَهُ وَتَمَلَّكَهُ، أَوْ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ وَعَرَّفَهَا ثُمَّ تَمَلَّكَهُ، أَوْ أَكَلَهُ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ إِنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صلى الله عليه وسلم: (هي لك أو لأخيك أو للذئب) يعني: إن أخذتها .. فهي لك أو لأخيك، وإن تركتها .. أخذها الذئب، ويدخل في هذا النوع العجاجيل والفصلان والكسير من الإبل والخيل وكل ما إذا لم يلتقط يضيع إما بكاسر من السباع، وإما بخائن من الناس.
وفي وجه: لا يؤخذ ما يوجد في العمران؛ لأن الحيوان لا يكاد يضيع فيه، والحديث محمول على الصحراء بدليل قوله: (أو للذئب) والذئب إنما يكون في غير القرى، قاله ابن المنذر، والصحيح المعروف: أنه لا فرق.
قال: (ويتخير آخذه من مفازة: فإن شاء .. عرفه وتملكه، أو باعه وحفظ ثمنه وعرفها ثم تملكه، أو أكله وغرم قيمته إن ظهر مالكه) فيتخير بين ثلاث خصال: إن شاء .. عرف اللقطة وتملكها، وإن شاء .. باعها وحفظ ثمنها وعرفها، أي: عرف اللقطة؛ فإن التعريف لا يكون للثمن وإنما يكون للقطة، ولذلك صحح المصنف بخطه على قوله: (عرفها)، وإن شاء .. أكلها، أي: أكل اللقطة إن كانت مأكولة وغرم قيمتها.
وكان ينبغي للمصنف أن يأتي بضمير المؤنث في الجميع، على أن الإتيان بضمير المذكر في الجميع عائد للموجود وهو مذكر، وإنما أنث (عرفها) حتى لا يلتبس باحتمال عوده إلى الثمن.
وعن مالك وداوود: أن له أكلها مجانًا من غير ضمان أكل إباحة؛ لظاهر الحديث، ودليلنا: أنه مال لغيره فلا يجوز له تملكه من غير عوض إلا برضاه كما لو كان في البلد، والخبر محمول على جواز الأخذ دون الغرم.
ثم الخصلة الأولى أولى من الثانية، والثانية أولى من الثالثة.