وَلاَ يُشْتَرَطَانِ فِي الْهَدِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ، بَلْ يَكْفِي الْبَعْثُ مِنْ هَذَا وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وغيرهم لا يشترك فيها القبول؛ لجريان العادة بلك كما سيأتي في (القضاء).
قال: (ولا يشترطان في الهدية على الصحيح، بل يكفي البعث من هذا والقبض من ذاك)؛ لأن الهدايا كانت تحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقبلها ولا لفظ هناك، رواه الترمذي [1953]، وعلى ذلك جرى الناس في الأعصار، وكذلك كانوا يبعثون بها على أيدي الصبيان الذين لا عبارة لهم.
فإن قيل: هذا كان إباحة لا هدية وتمليكاً .. فجوابه: أنه لو كان إباحة .. لما تصرفوا فيه تصرف الملاك، ومعلوم أن ما قبله النبي صلى الله عليه وسلم كان يتصرف فيه ويملكه غيره.
قال الرافعي: ويمكن أن يحمل كلام من اعتبر الإيجاب والقبول على الأمر المشعر بالرضا دون اللفظ، يقال: الإشعار بالرضا قد يكون لفظًا وقد يكون فعلًا.
وفي (صحيح البخاري) [2576]: عن أبي هريرة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام .. سأل عنه: (أهدية أم صدقة؟) فإن قيل: صدقة .. قال لأصحابه: (كلوا) ولم يأكل، وإن قيل: هدية .. أكل منهم.
وفي (الصحيحين) [خ2574 - م2441]: (كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: وكان له جيران من الأنصار لهم منائح فكانوا يرسلون إلى النبي صلى الله عليه وسلم من ألبانها.
وفي (سنن البيهقي) [6/ 169]: عن عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس: أن رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام، كان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية فيجهزه النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن زاهرًا باديتنا ونحن حاضرته).
والوجه الثاني: يشترطان كالبيع والوصية.
والثالث: لا يشترطان في المأكول ويشترطان في غيره، واختاره الإمام والغزالي، والصحيح الأول؛ لأنهم كانوا يتهادون الأطعمة وغيرها، واشتهر وقوع