وَلاَ يُمْلَكُ بِالإِحْيَاءِ حَرِيمُ الْمَعْمُورِ، وَهُوَ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ لِتَمَامِ الاِنْتِفَاعِ. فَحَرِيمُ الْقَرْيَةِ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الشيخ أبو حامد وأتباعه: إنه المذهب، وتابعه ابن الرفعة، ولعلهم يجعلونه فيئا، وأما الرافعي والمصنف .. فتابعا البغوي وعمما الخلاف، وحكى جماعة الخلاف وجهين وهو الأقرب.
قال: (ولا يملك بالإحياء حريم المعمور)؛ لأن مالك المعمور يستحق مرافقه، وله يملكه صاحب العمارة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأن الملك بالإحياء ولم يحيها.
وأصحهما: نعم كما يملك عرصة الدار تبعًا للدار.
قال: (وهو ما تمس الحاجة إليه لتمام الانتفاع) كالطريق ومسيل الماء ونحوهما، ويختلف ذلك باختلاف الأمكنة والأبنية؛ لأن مالك المعمور يستحق الانتفاع بحريمه.
وسمي حريمًا؛ لأنه حرم على غير من له اختصاص به أن ينتفع به، وحرم منع صاحبه منه، وهل يملك الحريم؟ وجهان: الأصح: نعم كما يملك عرصة الدار، لكن لا يملك بيعه منفردًا.
ولا يمنع من الإحياء ما وراء الحريم قرب أم بعد؛ لما روى الدارقطني وابن سعد [3/ 152] وغيرهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع ابن مسعود الدور لما قدم المدينة) وهي بين ظهراني عمارة الأنصار من المنازل والنخل.
روى البيهقي [6/ 145] والشافعي مرسلاً [شم 1/ 381]: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الدور) فيقال: إن الدور اسم موضع، ويقال: أقطع تلك البقعة لتتخذ دورًا.
قال: (فحريم القرية: النادي) وهو مجتمع القوم للحديث، ولا يسمى المجلس ناديًا إلا والقوم فيه، ويقال لأهل المجلس أيضًا: النادي، ولهذا عبر في (الشرحين) و (الروضة) و (المحرر) بـ (مجتمع النادي) وما أحسن ما أنشد بعض الشعراء لما أتى بجمال الدين الأصفهاني الجواد من بلاده ميتًا إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وصلى عليه بالحجرة الشريفة [من الطويل]: