هِيَ أَنْوَاعٌ: شِرْكَةُ الأَبْدَانِ كَشِرْكَةِ الْحَمَّالِينَ وَسَائِرِ الْمُحْتَرِفَةِ؛ لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا مَعَ اتِّفَاقِ الصَّنْعَةِ أَوِ اخْتِلاَفِهَا. وَشِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ؛ لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا وَعَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و (المشاراة): الملاحاة واللجاج في الأمر، وأجمعت الأمة على جوازها.
قال: (هي أنواع) أي: أربعة، وهذا التقسيم لمطلق الشركة لا للشركة الصحيحة.
قال: (شركة الأبدان كشركة الحمالين وسائر المحترفين؛ ليكون بينهما كسبهما متساويًا أو متفاوتًا، مع اتفاق الصنعة أو اختلافها) كخياط ونجار وهي باطلة؛ لأنها نوع من القمار، ولأن كل واحد منهما متميز ببدنه ومنافعه فيختص بفوائده، كما لو اشتركا في الاصطياد والاحتطاب .. فإن الأئمة اتفقوا على امتناع ذلك، وجوزها أبو حنيفة مطلقًا، وحكاه صاحب (التقريب) وجهًا شاذًا.
وقال مالك: تجوز بشرط اتحاد الصنعة.
وعن أحمد روايتان كالمذهبين.
واحتج المجوزون بما روى أبو داوود [3381] عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: (اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر، فجاء سعيد بأسيرين ولم أجيء أنا وعمار بشيء).
وجوابه: أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئاً، وفي معناه إشكال؛ لأن الغنيمة للغانمين وهم في بدر كلهم سواء، وإن كانت للنبي صلى الله عليه وسلم .. فهو يعطيها لمن شاء، فلا دليل على صحتها، وإذا فعلا ذلك واكتسبا، فإن انفردا .. فلكل كسبه، وإلا .. فيقسم الحاصل على قدر أجرة المثل.
قال: (وشركة المفاوضة؛ ليكون بينهما كسبهما) أي: بالبدن (وعليهما ما يعرض من غرم) فهي باطلة أيضًا خلافًا لأبي حنيفة.
لنا: أنها مشتملة على أنواع من الغرر، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: لا أعرف شيئًا في الدنيا يكون باطلًا إن لم تكن شركة المفاوضة باطلًا ولا أعلم القمار إلا هذا.