وَقَدِ الْتَزَمَ مُصَنَّفُهُ رَحِمَهُ اللهُ أَنْ يَنُصَّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ مُعْظَمُ الأَصْحَابِ، وَوَفَّى بِمَا الْتَزَمَهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عليه وسلم: (إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل).
ولا يخفى أن شرف النفس بشرف طباعها، وتكريمها بحسب قد إطلاعها، وبعلو الهمم تعلو القيم، ولكل مجتهد نصيب والسهم يخطئ ويصيب.
قال: (وقد التزم مصنفه رحمه الله أن ينص على ما صححه معظم الأصحاب) أي: أكثرهم؛ لأن نقل المذهب من باب الرواية فيرجح بالكثرة، كذا قاله ابن العطار تلميذ المصنف.
ورده الشيخ بأن ذلك لو صح .. لوجب مثله في علماء الشريعة إذا كان الأكثر على شيء والشافعي على خلافه، ثم قال: بل سببه عندي ميل الناس في كل علم إلى قول الأكثر إذا لم يظهر دليل يخالفه؛ لأن العادة تقضي بأن الخطأ إلى القليل أقرب.
قال: (ووفى بما التزمه).
(التوفية) في اللغة: الإتمام والإكمال، والتشديد مبالغة في الوفاء، قال تعالى: {وإبْرَاهِيمَ الَّذِي وفَّى} أي: وفى بما أمر به من طاعة ربه.
قال الشيخ في كتاب (الطوامع المشرقة في الوقف على طبقة بعد طبقة): من فهم عن الرافعي أنه لا ينص إلا على ما عليه المعظم .. فقد أخطأ في فهمه؛ فإنه إنما قال في خطبة (المحرر): إنه ناص على ما رجحه المعظم من الوجوه والأقاويل، ولم يقل إنه لا ينص إلا على ذلك، ولفظة التنصيص لا تدل على الموافقة، ثم إن هذا غير مطرد، فقد صرح في مواضع بمخالفة المعظم، كقوله: إن موضع التحذيف ليس من الوجه، وإن الجلوس بين السجدتين ركن قصير، ومنع النظر إلى وجه الحرة وكفيها، والأكثرون على خلاف ذلك.
ثم إنه قد يجزم في (المحرر) بشيء، وهو بحث للإمام أو غيره، كما سيأتي في (كتاب الجمعة) في انصراف المعذور إذا حضر الجامع، وفي (الزكاة) في العلف