وحين ننظر إلى ما كان عليه الحال عام 614 فإنا نجد النصر يسير في ركاب الفرس على حين تلحق بالروم الهزائم المتواليات. ولكن ذلك العام شهد نزول آيات من القرآن تقول: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 1-6] .
لقد حزن المسلمون لهزائم الروم لما شعروا به نحوهم من روابط القربى في الإيمان بالله والملائكة والكتاب والنبيين. على حين فرح المشركون بانتصار الفرس أو كما قال المستشرق الألماني "كارل بروكلمان": "هلل المكيون لهذه الانتصارت الفارسية ولكن محمدًا أعلن أتباعه أن الهزيمة لا بد أن تحل بالفرس في وقت قريب"1.
لقد كان النبي يعلن الناس من حوله بكل ما يقول القرآن فور تلقيه وهو هنا قد أعلنهم بنبوءة رد الكرة إلى الروم وتحقيق انتصارهم على الفرس.
ولقد استمرت الأمور تسير بعد نزول آية النبوءة هذه في غير صالح الروم إذ استولى الفرس على مصر في عام 618 كما هددوا القسطنطينية قلب الإمبراطورية.
ولكن ما إن جاء عام 622 حتى بدأ الموقف يتحول لصالح الروم "واتخذ هرقل خطة مهاجمة الفرس فقام بثلاث حملات باهرة في الإقليم الواقع من خلف جبال القوقاز"2 "ثم لم يلبث أن انتزع من كسرى ثمرات النصر الذي تم له وتعقبه حتى عاصمة ملكه.. من