من حيث التأدي بها إلى مجهول تصوري أو تصديقي، وموضوعه المعلومات من تلك الحيثية، ومنفعته تقويم الفكر عن الزيغ وحراسته عن الخطأ في المدارك وناهيك بها فهو المعيار على العلوم كلها ولذا قيل مَن لا معرفة له به لا وثوق بعلمه. . . وهذا آخر العلوم الفلسفية وقد تواطأ على بعضها المِلَّة والفلسفة كالعلم الإلهي والطب والعبارة (?) والتوقيت فهي موجودة في لسان الشرع، وأُدخِلَ منها في الملة ما عمَّت منفعته، وعظمت فائدته، مع هذه المذكورة، كالمنطق والحساب وما يحتاج إليه من علم الهيئة ومن علم الهندسة كالتكسير، وكثير منها متروك إلا في الخصوص لعدم الحاجة إليه أو لقصور الهمم عنه، وجملة منها دنيوية بقيت في أيدي العامَّة من الفلاحين والبنائين ورؤساء البحر وأهل السحر وخطاط الرمل ونحو هؤلاء، ولا بأس بجميعها فنحن لا نلتفت إلى مَن يُحرِّم علم شيء منها فإن العلم في نفسه هو غذاء العقل ونزهة الروح وصفة الكمال، وإنما تختلف ثمراته في الشرف بحسب الموضوع والغاية، وتختلف الأحكام بحسب النية حتى أن علم السحر الذي يحرم استعماله بإجماع لو تعلمه أحد ليؤذي به معصوم الدم، كان تعلمه حراماً كعمله ولو تعلَّمه لمجرد أن يعرفه فيُميز بينه وبين المعجزة مع ما تقدم من الفوائد كان تعلُّمه جائزاً أو واجباً,