المشهورة في التاريخ بطول مقاومتها للإسلام، ومحاربتها للآتين به، حتى ماتت (?)، فإنه ما لبث أن ولي على قومه بعد إسلامه، ولاه حسان بن النعمان عامل عبد الملك بن مروان على إفريقية، الذي قاسي من أمه الأمرين.
ج- رفق الولاة المسلمين وعدلهم، وتشربهم بروح الديمقراطية الحق التي جاء بها الإسلام، مع ما كانوا عليه من الأخلاق الفاضلة والسجايا الكاملة. حتى لقد أكبر هؤلاء المغاربة ديناً أنجب مثل أولئك الرجال الأفذاذ، وكون مثل تلك الشخصيات الكبيرة التي يندر وجودها في التاريخ.
على أن المغاربة لم يعادوا الإسلام في أول الأمر. ولم يقاوموه تلك المقاومة العنيفة، إلا لجهلهم بحقيقته، وعدم إحاطة علمهم بمحاسنه ومزاياه. وقد فطن لذلك الولاة العرب بعد حين؛ فرتبوا لهم الفقهاء والقراء يلقنونهم العربية ويبصرونهم بالدين. فلما اكتنهوا كنهه، وعرفوا حقيقته، وتمر سوا بتعاليمه السامية وآدابه العالية، أصبحوا من أكبر دعاته وأحمي أنصاره. فجاهدوا في سبيله الجهاد الأكبر، وبذلوا النفس والنفيس لإبلاغ دعوته إلى أقاصي البلاد. فهم الذين فتحوا الأندلس وسهلوا طريقها للعرب، وما زالوا بعد ذلك حاميتها وذادتها إلى آخر العهد بها. وهم الذين اقتحموا مجاهل إفريقية، وحملوا الهداية الإسلامية والثقافة العربية إلى السوادين كما هو معلوم.
نتيجة طبيعية أن يستعرب المغاربة بعد إسلامهم، ويتعلموا لغة التنزيل الذي هو دستور الإسلام وأقنومه، والمصدر الأول لجميع أحكامه وتعاليمه. فإنما بالعربية تفهم أصوله وفروعه، وتقرر شرائعه وأحكامه. على أنه اذا كان الإسلام، دين