متردداً في هذا حتى جاءني ثلج اليقين على يد الأستاذ عبد الله كنون الذي جزم بأن هذه الخطبة النادرة إنما كانت من جملة ثمرات انطباع البربر بالطابع العربي البحت (?).
ثم أشار الأستاذ إلى مثار الخلاف لأول الفتح بين العرب والبربر، فلم تأخذه العصبية للعرب الذين هو منهم، بل من أشرف بيوتاتهم، سبيل المؤرخ الصادق لا يحابي في الحق، بل سبيل المسلم العامل بمقتضى شريعته، الحافظ قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] الراوي حديث رسوله صلى الله عليه وسلم وهو: «ليس منا من دعا إلى عصبية» فذكر أن مثار النزاع بين الأمتين كان استبداد العرب بوجوه المنافع، واستئثارهم بمناصب الدولة من أيام الإمام إدريس رضي الله عنه، فكان هذا الأمر سببا للتنافس بين الفريقين في المغرب، وأنا أقول أن هذا الأمر نفسه قد كان سببا لتنافسهما في الأندلس منذ أوائل الفتح، حتى إن فريقا من البربر بلغ منهم السخط أن تركوا الجهاد في الطرف الشمالي من بلاد الجلالقة حيث كان منهم العدد الأغلب من المجاهدين، فأصبحت تلك الثغور عورة، ورجع الإسبان فاستولوا عليها، وكان بذلك مبدأ المقاومة الإسبانية ونمو شوكتها، ولم تزل مع الزمن تنمو