النفسية الدقيقة، والتعبير عن الإحساسات القلبية العميقة، فيكون لشعرهم أثر جميل في النفوس، ووق حسن في القلوب. وكان قد غلب عليه الشراب واللهو، فزري به ذلك، وحط من قدره، فلم يلحظ بالعين التي كان يجب أن يلحظ بها، ولم يرتفع ذكره ما بين الأدباء والشعراء المعاصرين. ولقد دخل غرناطة فيما يحدثنا به ابن الخطيب، فلم يؤبه له، ولم يحتفل به، وهكذا الاسترسال في مجاهل الهوى يخل بالشرف، ويقدح في المروءة وتوفي سنة 753 هـ.

ابن عبد المنان

أبو العباس أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبد المنان الأنصاري الخزرجي من أهل مكناس

أبو العباس أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبد المنان الأنصاري الخزرجي من أهل مكناس، كاتب الدولة المرينية الشاعر الأديب، الوصاف المعجب. كتب أولاً لأبي عنان وله فيه أمداح بارعة، ثم السعيد أبي بكر وأبي سالم إبراهيم، وأبي عمر تاشفين، وأبي زيان محمد، وأبي فارس عبد العزيز، وأبي زيتان الثاني، وأبي العباس أحمد المستنصر، وصفه الأمير إسماعيل بن الأحمر في نثير الجمان فقال: «به تشرف المصر وتظرف العصر، وحيط الصقع، وخيط الرقع، فتباهي الكلام بإقدامه، وحط رأس التطوع بين أقدامه، إن وصف بين، وإن حلي زين». وهي أوصاف تنبئ عما كان له من الكفاية والاقتدار في الميدانين السياسي والأدبي، وشعره منوع الأغراض، ينتقل فيه من فن إلى فن بغاية السهولة، ولذلك يطول نفسه، ويأتي السابقات الجياد. وهو لطيف التصوير، بليغ التعبير، وصف الساعة العجيبة التي ركبها أبو عنان في مواجهة مدرستيه بفاس فأحسن الوصف، وكذلك وصف قتل الأسد بين يدي مخدومه المذكور، بقصره من المدينة البيضاء فاس الجديد، ودخول المحتال في الأكرة المعدة للتحرش بالأسد والشبكة المعدة لصيد الأسود في الفلاة وغير ذلك؛ فأجاد في الجميع إجادة بالغة. وسنورد هذه الآثار البديعة في المنتخبات، وتوفي ابن عبد المنان سنة 792.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015