أحداً ذرة مما له، ولا أزيده خرذلة مما لا يستحقه، ولذلك فإن هذا الكتاب يعد من أوثق المصادر في تاريخ هذا العصر.
أبو العباس أحمد بن يوسف السلمي الفاسي المعروف بابن فرتون. هو أحد أعلام الرواية والتاريخ، أخذ ببلده فاس عن أبي ذر الخشني، وأبي القاسم عبد الرحيم ابن الملجوم، وابن عمه عبد الرحمن، وأبي محمد بن حوط الله، وأبي القاسم بن زانيق وعدد غيرهم. وانتقل من بلده إلى سبتة فأخذ بها عن عالم كثير من أهلها ومن الواردين عليها، ودخل الأندلس فأخذ بالجزيرة الخضراء ومالقة عن أهلها. ولما كان بحصن بليش من شرقي مالقة، عرض له ما أوجب رجوعه إلى سبتة فبقي بها ولم يخرج عنها إلى حين وفاته، واجتمع له سماع جم، وكتب بخطه كثيراً وقيد واعتني غاية الاعتناء حتى كان آخر المكثرين. وكان ذاكراً للرجال والتواريخ، ولكثير من متون الأحاديث وقسط صالح من الجرح والتعديل وطبقات الناس، وألف برنامج ضمنه ما رواه، وألف الاستدراك على كتاب السهيلي المسمى بالتعريف والإعلام، كما ألف كتابه الذيل على صلة ابن بشكوال؛ فكان أول من فتح باب التذييل عليها الذي تبعه فيه ابن الزبير وهو تلميذه بكتاب صلة الصلة، وابن عبد الملك المراكشي بكتاب الذيل والتكملة، وابن الأبار بكتاب التكملة الخ. وكان كتاب ابن فرتون مادة لجميعهم، وعاش ابن فرتون زاهداً ورعاً، ما أعتر بغير دينه، ولا تصدى لأحد من أهل الدنيا ولا تعرض لخطة ولا غيرها. وتوفي في 26 شعبان سنة 666.
هو العلامة الجغرافي الشهير، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس، كان جده إدريس من ملوك الحموديين بالأندلس، ومات سنة 444 قبل إخراج الحموديين