الزهاد. قال الساحلي: كان عالماً فقيهاً محدثاً حافظاً مدرساً زاهداً في الدنيا، سالكاً في طريق القوم من أهل التحقيق، مشاركاً في علوم الشريعة لكنه أميل إلى التصوف. أحكم كتاب الإحياء للغزالي وضبط مسائله فكان يستحسنه ويثني عليه. درس بفاس وأخذ عنه ناس الطريق الشيخ أبي مدين الأنصاري وأبي عبدالله التاودي. ودخل مراكش فدرس بها العلم وتاب على يده خلق كثير وزهد أميرها في الدنيا.
نعم فقد كان في أول الأمر من حمل على كتاب الإحياء واستنكر ما فيه، ثم غلبت عليه نزعة التصوف فرجع عن رأيه فيه كما سبق الإلماع إلى ذلك. ونظر؛ كما يقول ابن قنفذ في كتابه أنس الفقير، فيما كان ينكره منه، فوجده موافقاً للكتاب والسنة.
ولما قدم الشيخ أبو مدين إلى فاس دخل لجامع القرويين وسأل عن مجالس العلماء فسار إليها مجلساً بعد مجلس، قال: وأنا لا يثبت في قلبي شيء مما أسمعه من المدرسين إلى أن جئت إلى شيخ كلما تكلم بكلام ثبت في قلبي وحفظته. فلما فرغ دنوت منه وقلت له حضرت مجالس كثيرة فلم أثبت على ما يقال وأنت كل ما سمعته منك حفظته، فقال لي: هم يتكلمون بأطراف ألسنتهم فلا يجاوز كلامهم الآذان وأنا قصدت الله بكلامي فيخرج من القلب فلازمته. وكان هذا الشيخ هو علي بن حرزهم، توفي رحمه الله سنة 559.
هو الفقيه الأصولي المتكلم أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد المعافري من أهل سبتة. له رحلة سمع فيها بالأندلس من القاضي أبي الوليد الباجي وببلاد إفريقية ومصر والحجاز من جماعة كابن فضال بمصر وابن الصباح بتونس ولقي بمكة الفقيه عبد الحق (?)