كما يقول الناس: القوّة على الضعيف ضعفٌ في القوة، [ويقولون] 1: فلانٌ قادر على فلان، وفلانٌ عاجز عن فلان، ويقولون: فلانٌ ناسج هذا الثوب، و [بَنَى] 2 هذه الدار. ومنه: قوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الفُلْكَ} 3؛ فجعل الفلك مصنوعة لنوح. ومنه: قوله تعالى: {وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} 4؛ أي والأصنام التي تعملونها، وتنحتونها؛ فجعل ما في الأصنام من التأليف معمولاً لهم، كما جعل تأليف السفينة مصنوعاً لهم. وهذا كثير5.
والمقصود هنا: أنّ ما يأتي به السحرة والكهان ونحوهم، هو ممّا يصنعه الإنس والجنّ، لا يخرج ذلك عنهم. والإنس والجنّ قد أُرسلت إليهم الرسل6، فآيات الأنبياء خارجة عن قدرة الإنس والجن؛ لا يقدر عليها لا الإنس ولا الجن، ولله الحمد والمنة.
مقدورات الجن والإنس
ومقدورات الجن هي من جنس مقدورات الإنس، لكن يختلف في المواضع؛ فإنّ الإنسي يقدر على أن يضرب غيره حتّى يمرض أو يموت، بل يقدر أن يكلمه بكلام يمرض به أو يموت.
فما يقدر عليه الساحر من سحر بعض الناس حتى يمرض أو يموت، هو من مقدور الجن، وهو من جنس مقدور الإنس.