فإذا عرفت قصص الأنبياء، ومن اتبعهم، ومن كذَّبهم، وأنَّ متبعيهم كان لهم النجاة [والعاقبة] 1 والنصر والسعادة، [ولمكذّبهم] 2 الهلاك والبوار، جعل الأمر في المستقبل مثلما كان في الماضي؛ فعلم أنّ من صدّقهم كان سعيداً، ومن كذَّبهم كان شقياً. وهذه [سنة الله] 3 وعادته.
ولهذا يقول سبحانه في تحقيق عادته وسنته، وأنه لا ينقضها ولا يبدلها: {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ في الزُّبُر} 4؛ يقول: فإذا لم يكونوا خيراً منهم، فكيف ينجون من العذاب، مع مماثلتهم لهم، هذا بطريق الاعتبار والقياس، ثم قال: {أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} : أي معكم خبر من الله بأنه لا يعذبكم؟؛ فنفى الدليلين: العقلي، والسمعي، ثم ذكر قولهم: نحن جميعٌ منتصر، وإنَّا نغلب من يغالبنا، فقال تعالى: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُر} 5، وهذا ممّا [أنبأ به] 6 من الغيب في حال ضعف الإسلام، واستبعاد عامة الناس ذلك7، ثم كان كما أخبر.