به؛ فإنه يمتنع في حكمة الرب وعدله أن يُسوّي بين هؤلاء خيار الخلق، وبين هؤلاء شرار الخلق؛ لا في سلطان العلم وبراهينه وأدلته، ولا في سلطان النصر والتأييد، بل يجب في حكمته أن يظهر الآيات والبراهين الدالة على صدق هؤلاء، وينصرهم، ويُؤيّدهم، ويُعزّهم، ويُبقي لهم [لسان] 1 الصدق، ويفعل ذلك بمن اتبعهم، وأن يظهر الآيات المبينة لكذب أولئك، ويذلهم، ويخزيهم، ويفعل ذلك بمن اتبعهم؛ كما قد وقع في هؤلاء وهؤلاء2.

وقد دلّ القرآن على الاستدلال بهذا في غير موضع3.

الأدلة والبراهين نوعان

والأدلة والبراهين كما تقدم4 نوعان؛ نوعٌ يدلّ بمجرده، بحيث يمتنع وجوده غير دال كدلالة حدوث الحادث على محدث، فهذا يدلّ بمجرده، وإن قدر أن أحداً لم يقصد الدلالة به. لكنّ الرب بكل شيء عليم، وهو مريد لخلق ما خلقه ولصفاته، لكن لا يشترط في الاستدلال بهذا أن يعلم أن دالاً قصد أن يدلّ به.

والنوع الثاني5: ما هو دليل بقصد الدالّ وجعله. [فهذا] 6 لولا القصد وجعله دليلا، لم يكن دليلاً، [فهو] 7 [إنّما] 8 قصد به الدلالة، فهذا مقصوده مجرد الدلالة، وذلك بمجرده هو الدليل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015