وإذا قلتَ: أُنزّهه عن فعل ممكن يستلزم عجزه، كان هذا تناقضاً؛ فإن فعل الممكن لا يستلزم العجز، بل امتناع الممكن يستلزم العجز. وبيان ذلك أن يقال: ما خلقه على يد الصادق هو قادرٌ على أن يخلقه على يد الكاذب أم لا؟ .

فإن قلتَ: ليس بقادر، فقد أثبتَّ عجزه. وإن قلتَ: هو قادر على ذلك، فالمقدور عندك لا يُنزه عن شيء منه. وإن قلتَ: هذا المقدور أنزّهه عنه، لئلاّ يلزم عجزه، كان حقيقة قولك: أُثبت عجزه [لئلاّ أنفي] 1 عجزه؛ فجعلته عاجزاً لئلا [تجعله] 2 عاجزاً، فجمعتَ بين النقيضين؛ بين إثبات العجز ونفيه.

وإنما لزمه هذا؛ لأنه لا ينزه الرب عن فعل مقدور، فاستوت المقدورات كلها في الجواز عليه عنده، ولم يحكم بثبوت مقدور إلا بالعادة، أو الخبر3. والعادة يجوز انتقاضها عنده4، والخبر موقوف على العلم بصدق المخبر، ولا طريق له إلى ذلك.

فتبيَّن أنّ كلّ من لم يُنزّه الرب عن السوء والسفه، ويصفه بالحكمة والعدل، لم يمكنه أن يعلم نبوة نبيّ، ولا المعاد، ولا صدق الرب في شيء من الأخبار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015