وهذا مما وقع الاتفاق عليه من هؤلاء؛ فإنّهم يُسلّمون أنّ الإحكام والإتقان يدلّ على علم الفاعل.

وهذا أمرٌ ضروريٌ عندهم، وعند غيرهم، وهو من أعظم الأدلة العقلية التي يجب ثبوت مدلولها.

معنى الإحكام والإتقان

والإحكام والإتقان إنّما هو أن يضع كلّ شيء في محلّه المناسب، لتحصل به الحكمة المقصودة منه؛ مثل الذي يُخيط قميصاً، فيجعل الطوق على قدر العنق، والكُمَّين على قدر اليدين؛ وكذلك الذي يبني الدار، يجعل الحيطان متماثلة ليعتدل السقف؛ والذي يصنع الابريق يُوسِّع ما يدخل منه الماء، ويُضيِّق ما يخرج منه.

وحكمة الرب في جميع المخلوقات باهرة، قد بهرت العقلاء، واعترف بها جميع الطوائف.

الفلاسفة يثبتون العناية والحكمة الغائية

والفلاسفة من أعظم الناس إثباتاً لها، وهم يُثبتون العناية، والحكمة الغائيّة، وإن كان فيهم من قَصَّر في أمر الإرادة والعلم1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015