وهؤلاء المعارضون قد تحدّاهم في غير موضع1، وقال: {قُلْ لَئِن اجْتَمَعَت الإِنْسُ وَالجِنُّ عَلَى أَنْ يَأتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لا يَأتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرَاً} 2.
والرسول أخبر بهذا خبراً تامّاً في أوّل الأمر، وهذا لا يمكن إلاَّ مع قطعه أنّه على الحق. وإلى الآن لم يوجد أحدٌ أنزلَ مثل ما أنزل الله.
وقوله: {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ} ، ولم يقل: أقدر أن أنزل؛ فإن قوله: {سَأُنْزِلُ} : هو وعدٌ بالفعل، وبه يحصل المقصود؛ بخلاف قوله: أقدر؛ فإنّه لا يحصل به غرض المعارض، وإنّما يحصل إذا فعل. فمن وعد بإنزال مثل ما أنزل، كان من أظلم الناس وأكذبهم؛ إذ كان قد تبيَّن عجز جميع الثقلين؛ الإنس، والجن، عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن.
وقوله: {مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّه} : يقتضي أنّ كلّ ما أنزله الله على أوليائه، فهو معجزٌ، لا يقدر عليه إلا الله؛ كالتوراة، والإنجيل، والزبور.
وهذا حقٌ3؛ فإنّ في ذلك من أنباء الغيب، ما لا يعلمه إلا الله، وفيه