والثاني: أن يقال: هي آيات على صدق الأنبياء؛ فإنهم أخبروا بها، وهي آية على ما أخبروا به، وعلى صدقهم.
عامة معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يتحدى بها
وأيضا: فإنّ عامّة معجزات الرسول لم يكن يتحدى بها، ويقول ائتوا بمثلها. والقرآن إنما تحداهم لما قالوا إنه [افتراه] 1، ولم يتحدّاهم به ابتداءً، وسائر المعجزات لم يتحدّ بها، وليس فيما نقل تحدّ إلا بالقرآن2، لكن قد عُلم أنهم لا يأتون بمثل آيات الأنبياء. فهذا لازمٌ لها، لكن ليس من شرط ذلك أن يقارن خبره.
آيات الأنبياء منها ما يكون قبل ولادتهم ومنها ما يكون بعد موتهم
وأيضا: فمن آيات الأنبياء ما كان قبل ولادتهم، وقبل أنبيائهم، وما يكون بعد موتهم3؛ فإن الآية [هي] 4 دليل على صدق الخبر بأنّه رسول الله، وهذا الدليل لا يختص؛ لا بمكان، ولا زمان، ولا يكون هذا الدليل إلا من جنسٍ لا يقدر عليه الإنس كلهم، ولا الجنّ، فلا بُدّ أن يكون جنسه معجزاً أعجز الإنس والجنّ.
وأما قولهم: خاصّة المعجز عدم المعارضة5: فهذا باطلٌ، وإن كان عدم المعارضة لازماً له، فإنّ هذا العدم لا يعلم، إذ يمكن أن يعارضه من ليس هناك إذا كان مما يعلم أنّه معتاد؛ مثل خوارق السحرة، والكهان؛ فإنّه