والاسم أيضاً من هذا الباب، وهو علم على المسمّى، ودليلٌ عليه، وآية عليه. وهذا المعنى ظاهرٌ فيه؛ فلذلك قال الكوفيون: [إنّه] 1 مشتق من الوسم، والسمة؛ وهي: العلامة. وقال البصريون: بل هو مشتق من السموّ؛ فإنه يقال في تصغيره: [سمي] 2، لا وُسَيْم، وفي جمعه: أسماء، لا أوسام، وفي تصريفه: سميت، لا [وسمت] 3.

وكلا القولين حقّ، لكنّ قول البصريين أتمّ؛ فإنّه مشتق منه على قولهم في الاشتقاق الأصغر؛ وهو: اتفاق اللفظين في الحروف وتأليفها، وعلى قول الكوفيين: هو مشتق منه من الاشتقاق الأوسط؛ وهو: اتفاق اللفظين في الحروف، لا في ترتيبها؛ كما قلنا في الوسم، والسيما.

والسموّ: هو العلوّ، والسامي: هو العالي، والعلوّ مستلزم للظهور كما تقدم4؛ فالعالي ظاهرٌ، والظاهر عالٍ؛ فكان الاسم بعلوّه يظهر، فيدلّ على المسمّى؛ لأنّه يظهر باللسان والخطّ، ويظهر للسمع المسمّى، فيُعرف بالقلب.

وقد تقدم5 أنّهم يُسمّون الجبال أعلاماً، لما فيها من الظهور.

ودلالة الاسم على مُسمّاه دلالة قصدية؛ فإنّ المسمّى يُسمّى بالاسم، ليُعرف به المسمّى، وليدلّ عليه؛ تارة يقصد به الدلالة على مجرد نفسه؛ كالأسماء الأعلام للأشخاص، وتارة يقصد به الدلالة على ما في اللفظ من المعنى؛ كالأسماء المشتقة؛ مثل: العالم، والحيّ، والقادر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015