وهم لم يتعلموا ما جاءت به الأنبياء، ولم يأخذوا عنهم الدلائل، والأصول، والبينات، والبراهين.
وإذا وجب أن يؤخذ عن الأنبياء ما أخبروا به من أصول الدين، ومن تصديق خبرهم، مع وجود ما يعارضه، فلأن يؤخذ عنهم ما بيّنوا به تلك العقائد؛ من الآيات، والبراهين أولى وأحرى؛ فإنه بهذا يتبين ذاك، وإلا فتصديق الخبر متوقف على دليل صحته، أو على صدق المخبر به. وتصديقه بدون أن يعلم أنّه في نفسه حق، أو أنّ المخبر به صادق: قول بلا علم.
الرسول أرسل بالبينات والهدى
والرسول صلوات الله عليه وسلامه قد أُرسل بالبينات والهدى؛ بيَّن الأحكام الخبرية والطلبية، وأدلتها الدالة عليها؛ بيَّن المسائل والوسائل؛ بيَّن الدين؛ ما يقال، وما يعمل؛ وبيَّن أصوله التي بها يعلم أنه دين حق. وهذا المعنى قد ذكره الله تعالى في غير موضع، وبيَّن أنّه أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين [كله] 1؛ ذكر هذا في سورة التوبة2، والفتح3، والصف4.
والهدى: هو هدي الخلق إلى الحق، وتعريفهم ذلك، وإرشادهم إليه. وهذا لا يكون إلا بذكر الأدلة، والآيات الدالة على أنّ هذا هدى، وإلا فمجرّد خبر: لم يعلم أنه حق، ولم يقم دليل على أنّه حقّ: ليس بهدى.