وهكذا يقول من يقول من مبتدعة أهل الزهد، والتصوف1؛ إذا دخلوا في عبادات منهي عنها، ومذمومة في الشرع، قالوا: كان الصحابة مشغولين عنها بالجهاد، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يخاف أن يشتغلوا بها عن الجهاد.
وأهل السيف قد يظنّ من يظنّ منهم أنّ لهم من الجهاد، وقتال الأعداء ما لم يكن مثله للصحابة، وأنّ الصحابة كانوا مشغولين بالعلم والعبادة عن مثل جهادهم.
ومن أهل الكلام من يقول: بل الصحابة كانوا على عقائدهم، وأصولهم، لكن لم يتكلموا بذلك؛ لعدم حاجتهم إليه2.
فهؤلاء جمعوا بين أمرين؛ بين أن ابتدعوا أقوالاً باطلةً ظنّوا أنّها هي أصول الدين، لا يكون عالما بالدين إلا من وافقهم عليها، وأنّهم علموا، وبيّنوا من الحق ما لم يُبيّنه الرسول والصحابة.
وإذا تدبر الخبير حقيقة ما هم عليه، تبيّن له أنّه ليس عند القوم فيما ابتدعوه؛ لا علم، ولا دين، ولا شرع، ولا عقل.