وهؤلاء أيضاً غالطون؛ فإنّ الله تعالى قد أخبر عن قوم نوح، وإبراهيم بمجادلتهم للكفار؛ حتى: {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} 1، وقال عن قوم إبراهيم: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ} 2، إلى قوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} 3، وذكر محاجّة إبراهيم للكافر.
[والقرآن] 4 فيه من مناظرة الكفار، والاحتجاج عليهم ما فيه؛ من [شفاء] 5، وكفاية.
وقوله تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هي أَحْسَن إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} 6، وقوله: {جَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِي أَحْسَن} 7: ليس في القرآن ما ينسخهما، ولكنّ بعض الناس يظنّ أنّ من المجادلة ترك الجهاد بالسيف. وكلّ ما كان متضمنا لترك الجهاد المأمور به فهو منسوخ بآيات السيف والجهاد.
متى تكون المجادلة؟
والمجادلة قد [تكون] 8 مع أهل الذمّة، والهدنة، والأمان، ومن لا يجوز قتاله بالسيف، وقد [تكون] 9 في ابتداء الدعوة؛ كما كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يُجاهد الكفّار بالقرآن، وقد [تكون] 10 لبيان الحقّ، وشفاء القلوب من الشبه، [مع من] 11 يطلب الاستهداء والبيان.