تقسيم الباقلاني للعادات إلى عامة وخاصة
وهؤلاء1 تكلّموا بلفظ لم يحققوا معناه؛ وهو لفظة خرق العادة، وقالوا: العادات تنقسم إلى عامّة، وخاصّة؛ فمنها ما يشترك فيه جميع الناس، في جميع الأعصار؛ كالأكل، والشرب، واتقاء الحر والبرد. والخاصّ منها ما يكون كعادة للملائكة فقط، أو للجنّ فقط، أو للإنس دون غيرهم2.
قالوا: ولهذا صحّ أن يكون لكلّ قبيلٍ منهم ضرب من التحدّي، وخرق لما هو عادة لهم دون غيرهم، وحجّة عليهم دون ما سواهم3.
ومنها ما يكون عادة لبعض البشر؛ نحو اعتياد بعضهم صناعة، أو تجارة، أو رياضة في ركوب الخيل، والعمل بالسلاح4. لكن هذه كلّها مقدورات للبشر.
قالوا: وآية الرسل لا تكون مقدورة لمخلوق، بل لا تكون إلا مما ينفرد الله بالقدرة عليه5.
فإذا قالوا هذا، ظنّ الظانّ أنّهم اشترطوا أمراً عظيماً.
قول الأشاعرة: المعجز: الإقدار على الفعل لا نفس الفعل
ولم يشترطوا شيئا؛ فإنهم قالوا6 في جنس الأفعال التي لا [يقدر] 7 النّاس إلاَّ على اليسير منها؛ كحمل الجبال، ونقلها: إنّ المعجزة هنا إقدارهم على الفعل، لا نفس الفعل. ورجّحوا هذا على قول من يقول: نفس الفعل آية؛ لأنّ جنس الفعل مقدورٌ.