أما عن شدّة ذكائه، واتقاد حافظته، فقد قال جمال الدين السرمري في أماليه: "ومن عجائب زماننا في الحفظ: ابن تيمية، كان يمرّ بالكتاب مرة مطالعة، فينقش في ذهنه، وينقله من مصنفاته بلفظه ومعناه. وحكى بعضهم عنه أنه قال: من سألني مستفيداً حققت له، ومن سألني متعنتاً ناقضته، فلا يلبث أن ينقطع فأُكفى مؤنته"1.
ومن أقواله - رحمه الله تعالى -:
"لن يخاف الرجل غير الله إلا لمرض في قلبه؛ فإن رجلاً شكى إلى أحمد بن حنبل خوفه من بعض الولاة، فقال: لو صَحَحْتَ لم تخف أحداً؛ أي خوفك من أجل زوال الصحة من قلبك".
ولما وُشي به إلى السلطان الناصر خاطبه قائلاً: إنني أُخبرتُ أنك قد أطاعك الناس، وأن في نفسك أخذ الملك، فلم يكترث به. بل قال له بنفس مطمئنة، وقلب ثابت، وصوت عال سمعه كثير ممن حضر: "أنا أفعل ذلك! والله إنّ ملكك وملك المغل2 لا يُساوي عندي فلسين". فتبسّم السلطان لذلك، وأجابه في مقابلته بما أوقع الله له في قلبه من الهيبة العظيمة: إنك والله لصادق، وإن الذي وشي بك إليّ كاذب3.