ولهذا ثنى في القرآن قصة موسى مع السحرة، وذكر ما يقوله الكفار لأنبيائهم؛ فإنه ما جاء نبي صادق قط، إلا قيل فيه: إنه ساحر أو مجنون؛ كما قال تعالى: {كَذَلكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُون أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَومٌ طَاغُون} 1، وذلك أن الرسول يأتي بما يخالف عاداتهم، ويفعل ما يرونه غير نافع، ويترك ما يرونه نافعاً. وهذا فعل المجنون؛ فإن المجنون فاسد العلم والقصد. ومن كان مبلغه من العلم إرادة الحياة الدنيا، كان عنده من ترك ذلك، وطلب ما لا يعلمه: مجنوناً. ثمّ النبيّ مع هذا يأتي بأمور خارجة عن قدرة الناس؛ من إعلام بالغيوب، وأمور خارقة لعاداتهم؛ فيقولون: هو ساحر.
الفرق بين النبي والساحر عند الفلاسفة
وهذا موجود في المنافقين الملحدين المتظاهرين بالإسلام؛ من الفلاسفة ونحوهم؛ يقولون: إن ما أخبرت به الأنبياء من الغيوب، والجنة، والنار، هو من جنس قول المجانين2، وعندهم خوارقهم من جنس