النبا العظيم (صفحة 88)

ورودًا في جدلهم هي نسبته إلى نفس1 صاحبه، على اضطرابهم في تحديد تلك الحال النفسية التي صدر عنها القرآن: أشعر هي، أم جنون، أم أضغاث أحلام..

فانظر: كم قلَّبوا من وجوه الرأي في هذه المسألة؛ حتى إنهم لم يقفوا عند الحدود التي يمكن افتراضها في كلام رصين كالقرآن، وفي عقل رصين كعقل صاحبه، بل ذهبوا إلى أبعد الأحوال النفسية التي يمكن أن يصدر عنها كلام العقلاء والمجانين.. إن ذلك لمن أوضح الأدلة على أنهم لم يكونوا يشيرون بهذا الوجه أو ذاك إلى تهمة محققة لها مثار في الخارج أو في اعتقادهم، وإنما أرادوا أن يدلوا بكل الفروض والتقادير مغمضين على ما فيها من محال وناب ونافر، ليثيروا بها غبارًا من الأوهام في عيون المتطلعين إلى ضوء الحقيقة، وليلقوا بها أشواكًا من الشك في طريق السائرين إلى روض اليقين.

ولقد نعلم أنهم كانوا في قرارة أنفسهم غير مطمئنين إلى رأي صالح يرضوه من بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015