سنزيدك. وسنوجه نظرك بنوع خاص إلى دقة التعبير القرآني ومتانة نظمه. وعجيب تصرفه، حتى يؤدي لك المعنى الوافر الثري، في اللفظ القاصد النقي، إذ كانت هذه الخاصة الأولى -من الخواص التي ذكرناها- أحوج إلى التوقيف والإرشاد.
ولا تحسبن أننا سنضرب لك الأمثال بتلك الآيات الكريمة التي وقع اختيار الناس عليها وتواصفوا الإعجاب بها. كقوله تعالى: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ ... } الآية1، وقوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} 2 وأشباههما. بل نريد أن نجيئك بمثال من عُروض القرآن في معنى لا يأبه له الناس ولا يقع اختيارهم على مثله عادة. ليكون دليلًا على ما وراءه.
تطبيق على آية كريمة:
يقول الله تعالى في ذكر حِجَاج اليهود: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 3.
هذه قطعة من فصل من قصة بني إسرائيل. والعناصر الأصلية التي تبرزها لنا هذه الكلمات القليلة تتلخص فيما يلي:
1- مقالة ينصح بها الناصح لليهود، إذ يدعوهم إلى الإيمان بالقرآن.
2- إجابتهم لهذا الناصح بمقالة تنطوي على مقصدين.
3- الرد على هذا الجواب بركنيه، من عدة وجوه.
وأقسمُ لو أن محاميًا بليغًا وكلت إليه الخصومة بلسان القرآن في هذه القضية، ثم