النبا العظيم (صفحة 137)

وترقيق، وتحذير وتنفير، وتهويل وتعجيب، وتبكيت وتأنيب؟ يبث ذلك في مطالع آياته ومقاطعها وتضاعيفها {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} 1 {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ، وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} 2.

"ز-ح":

"البيان" و"الإجمال":

وهذه عجيبة أخرى تجدها في القرآن ولا تجدها فيما سواه. ذلك أن الناس إذا عمدوا إلى تحديد أغراضهم لم تتسع لتأويل. وإذا أجملوها ذهبوا إلا الإبهام أو الإلباس. أو إلى اللغو الذي لا يفيد. ولا يكاد يجتمع لهم هذان الطرفان في كلام واحد.

وتقرأ القطعة من القرآن فنجد في ألفاظها من الشفوف، والملاسة والإحكام والخلو من كل غريب عن الغرض ما يتسابق به مغزاها إلى نفسها دون كد خاطر ولا استعادة حديث. كأنك لا تسمع كلامًا ولغات بل ترى صورًا وحقائق ماثلة. وهكذا يخيل إليك أنك قد أحطت به خُبرًا ووقفت على معناه محدودًا؛ هذا ولو رجعت إليه كرة أخرى لرأيتك منه بإزاء معنى جديد غير الذي سبق إلى فهمك أول مرة، وكذلك.. حتى ترى للجملة الواحدة أو الكلمة الواحدة3 وجوهًا عدة. كلها صحيح أو محتمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015