النبا العظيم (صفحة 113)

رجل أعلم مني بالشعر لا برَجَزِه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقوله شيئًا من هذا، ووالله إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمنير أعلاه، مشرق أسفله، وإنه ليعلو ولا يعلى، وإنه ليحطم ما تحته ... الحديث1 رواه عن ابن عباس، وقال: صحيح على شرط البخاري.

نعم، إن كنت لا تفرق بين كلام وكلام فهذه شهادةٌ حسبُك من شهادة، وناهيك أنها شهادة أهل اللغة أنفسهم، بل شهادة الأعداء لعدوهم.

وإذا لم تر الهلال فسلم ... لأناس رأوه بالأبصار

وأما إن كنت قد أوتيت حظك من معرفة فروق الكلام والمَيْز بين أساليبه فاقرأ ما شئت من خطب العرب وأشعارها، وحكمها وأمثالها، ورسائلها ومحاوراتها، متتبعًا في ذلك عصور الجاهلية والإسلام على اختلاف طبقاتها، ثم افتح صفحة من هذا الكتاب العزيز وانظر ماذا ترى؟

أسلوب عجب، ومنهج من الحديث فذ مبتكر، كأن ما سواه من أوضاع الكلام منقول، وكأنه بينها على حد قول بعض الأدباء: "وضع مرتجل" لا ترى سابقًا جاء بمثاله، ولا لاحقًا طبع على غِراره، فلو أن آية منه جاءتك في جمهرة من أقوال البلغاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015