حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: 7] قَالَ: " بَلَغَنِي أَنَّهُ الْجِزْيَةُ، وَالْخَرَاجُ خَرَاجُ الْقُرَى يَعْنِي: الْقُرَى الَّتِي تُؤَدِّي الْخَرَاجَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فَلَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا تُنَافِي الْأُخْرَى فَيَكُونُ النَّسْخُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْفَيْءَ خِلَافُ الْغَنِيمَةِ قَوْلٌ مُسْتَقِيمٌ صَحِيحٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْفَيْءَ مُشْتَقٌّ مِنْ فَاءَ يُفِيءُ إِذَا رَجَعَ، فَأَمْوَالُ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ حَلَالٌ لِلْمُسْلِمِ فَإِذَا امْتَنَعُوا ثُمَّ صَالَحُوا رَجَعَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ وَقَوْلُ مَعْمَرٍ إِنَّهَا الْجِزْيَةُ وَالْخَرَاجُ دَاخِلٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِمَّا صُولِحُوا عَلَيْهِ -[705]- وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ مُبَيِّنَةٌ لِلْأُولَى فَغَلَطَ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى جَاءَ التَّوْقِيفُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِيرِ حِينَ جُلُوا عَنْ بِلَادِهِمْ بِغَيْرِ حَرْبٍ، وَفِيهِمْ نَزَلَتْ سُورَةُ الْحَشْرِ {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لَأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2] فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمْوَالُهُمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَلَمْ يَسْتَأْثِرْ بِهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَّقَهَا فِي الْمُهَاجِرِينَ وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا لِرَجُلَيْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَبِي دُجَانَةَ سِمَاكِ بْنِ خَرَشَةَ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي أَهْلَهُ فَفِي هَذَا نَزَلَتِ الْآيَةُ الْأُولَى وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ لِأَصْنَافٍ بِعَيْنِهِمْ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا كَانَ فِي أَصْنَافٍ بِعَيْنِهِمْ خِلَافُ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ وَيُبَيِّنُ لَكَ هَذَا الْحَدِيثُ حِينَ تَخَاصَمَ عَلِيُّ وَالْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ