وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ -[684]- عَبَّاسٍ، قَالَ: " الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ " وَقَالَ: مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: " الْمَحْرُومُ الَّذِي لَمْ يَشْهَدِ الْحَرْبَ أَيْ: فَيَكُونُ لَهُ سَهْمٌ فِي الْغَنِيمَةِ " وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: «الْمَحْرُومُ الَّذِي لَحِقْتُهُ جَائِحَةٌ فَأَتْلَفَتْ زَرْعَهُ» وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: «الْمَحْرُومُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ» وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ: مَنِ الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الَّذِي لَا يَجِدُ مَا يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُعْطَى وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ» وَقَالَ عِكْرِمَةُ: «الْمَحْرُومُ الَّذِي لَا يُنَمَّى لَهُ شَيْءٌ» وَالْقَوْلُ الثَّامِنُ: يُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: «الْمَحْرُومُ الْكَلْبُ» وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا لِأَنَّهَا صِفَةٌ أُقِيمَتْ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ، وَالْمَحْرُومُ هُوَ الَّذِي قَدْ حُرِمَ الرِّزْقَ وَاحْتَاجَ. فَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي هَذَا غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَجَلُّ مِمَّا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا أَجْمَعُ أَنَّهُ الْمُحَارَفُ وَالْمَوْضِعُ الْآخَرُ قَوْلُهُ تَعَالَى {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} [الذاريات: 54]
-[685]- فِي رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ أَنَّ التَّوَلِّيَ عَنْهُمْ مَنْسُوخٌ؛ بِأَنَّهُ قَدْ أُمِرَ بِالْإِقْبَالِ عَلَيْهِمْ بِالْمَوْعِظَةِ قَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] فَأُمِرَ أَنْ يُبَلِّغَ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْي فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ» قَالَ مُجَاهِدٌ: " {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} [الذاريات: 54] فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ {فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} [الذاريات: 54] أَيْ: لَيْسَ يَلُومُكَ رَبُّكَ تَعَالَى عَلَى تَقْصِيرٍ كَانَ مِنْكَ " وَفِي الطُّورِ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور: 48] لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ أَقْوَالٌ: فَمِنْ ذَلِكَ