كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] قَالَ: «فَجَعَلَ اللَّهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[673]- وَالْمُؤْمِنِينَ بِالْخِيَارِ فِي الْأُسَارَى إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ وَإِنْ شَاءُوا اسْتَعْبَدُوهُمْ وَإِنْ شَاءُوا فَادَوْا بِهِمْ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْآيَتَيْنِ مُحْكَمَتَانِ مَعْمُولٌ بِهِمَا وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ إِنَّمَا يَكُونُ بِشَيْءٍ قَاطِعٍ فَإِذَا أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِالْآيَتَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِلْقَوْلِ بِالنَّسْخِ إِذْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ التَّعَبُّدُ إِذَا لَقِينَا الَّذِينَ كَفَرُوا قَبْلَ الْأَسْرِ قَتَلْنَاهُمْ، فَإِذَا كَانَ الْأَسْرُ جَازَ الْقَتْلُ وَالْمُفَادَاةُ، وَالْمَنُّ عَلَى مَا فِيهِ الصَّلَاحُ لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا الْقَوْلُ يُرْوَى عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ