فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَزَعَمَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ مَثَلَهُ يَعْنِي مَثَلُ قَوْلِكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مِمَّا يَنْتَصِبُ عَلَى الْمَصْدَرِ، قَوْلُكَ لِلرَّجُلِ سَلَامًا يُرِيدُ تَسَلُّمًا مِنْكَ كَمَا قُلْتَ بَرَاءَةٌ مِنْكَ أَيْ لَا أتَلَبَّسُ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِكَ قَالَ: وَزَعَمَ أَنُّ أَبَا رَبِيعَةُ كَانَ يَقُولُ إِذَا لَقِيتُ فُلَانًا فَقُلْ سَلَامًا فَسَأَلَهُ فَفَسَّرَ لَهُ مَعْنَى بَرَاءَةٌ مِنْكَ، قَالَ: وَزَعَمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْآيَةَ فِيمَا زَعَمَ مَكِّيَّةٌ فَلَمْ يُؤْمَرِ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ أَنْ يُسْلِمُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَلَكِنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ لَا خَيْرَ بَيْنَنَا وَلَا شَرَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَزَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ أَخْطَأَ فِي هَذَا وَأَسَاءَ الْعِبَارَةَ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَلَمْ يُؤْمَرِ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ أَنْ يُسَلِّمُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَإِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَلَمْ يُؤْمَرِ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ أَنْ يُحَارِبُوا الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ أُمِرُوا بِحَرْبِهِمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: كَلَامُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ أَيْضًا عِنْدَهُ مَنْسُوخَةٌ وَإِنَّمَا جَازَ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً لِأَنَّ مَعْنَاهَا مَعْنَى الْأَمْرِ أَيْ إِذَا خَاطَبَكُمُ الْجَاهِلُونَ فَقُولُوا سَلَامًا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّسْخُ فِيهَا فَأَمَّا كَلَامُ سِيبَوَيْهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لَمْ يُؤْمَرِ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ أَنْ يُسَلِّمُوا عَلَى