وبينما أبو عبيد في صحبة عبد الله بن طاهر إذ وجه إليه أبو دلف (?) يستهديه أبا عبيد مدة شهرين، فأنفذ أبا عبيد إليه فأقام شهرين بمثابة الأستاذ الزائر، فلما أراد أبو عبيد الانصراف وصله أبو دلف بثلاثين ألف درهم فلم يقبلها وقال: أنا في جنبة رجل ما يحوجنى إلى صلة غيره ولا آخذ ما فيه علي نقص (?).
ولما مات أبو عبيد بمكة نعي إلى عبد الله بن طاهر فرثاه بقصيدة قال فيها:
يا طالب العلم قد مات ابن سلّام ... وكان فارس علم غير محجام
مات الذي كان فيكم ربع أربعة ... لم يلف مثلهم إسناد أحكام
حبر البرية عبد الله أولهم ... وعامر ولنعم الثاويا عامي
هما اللذان أنافا فوق غيرهما ... والقاسمان ابن معن وابن سلام (?)
ولقد اتفق أهل عصره في الثناء عليه والاعتراف بعلو قدره وإنزاله مدارج العلماء الكبار، أثنى عليه المحدثون والفقهاء والأدباء وعلماء اللغة ونطقوا في بيان أمانته وورعه وسعة علمه وجودة مؤلفاته وتصانيفه.