والمد بالصوت بين بنى الإنسان له أسباب، بعضها «معنوي» أي يختص بالمعنى الذي يريد القائل إيصاله للسامع ومن ذلك: الاستغاثة مثل قولك (وا عمراه، وا محمداه، وا غوثاه ... إلخ)، والندبة (وا حسرتاه، وا رجلاه، وا مصيبتاه .. )،

والتعظيم كما في الأذان، والأمثلة كثيرة لا يتسع المقام لتفصيلها منها الدعاء، والرجاء،، والإعجاب، والمبالغة، والتهويل، والتمثيل، وما شابه ذلك. أما المد «اللفظى» فيتعلق بأسباب تختص بمجاورة الألفاظ والحروف بعضها لبعض وما ينتج عن ذلك التجاور من أسباب تستدعى وجود المد.

وإذا كان المد بالصوت في استخداماتنا الاعتيادية تحكمه إرادة الإنسان الخاصة، ومزاجه الشخصي، إلا أن المد في علم التجويد له أصول وقواعد وشروط لا بدّ من معرفتها لكل طالب للتجويد. والأصل في باب المد ما نقله الإمام بن الجزري عن الطبراني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرئ رجلا فقرأ الرجل إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ بغير مد. فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ فقال أقرأنيها: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ فمدها (?).

وقد قال الإمام ابن الجزري (وهذا حديث جليل حجة ونص فى هذا الباب رجال إسناده ثقات) (?). ومد الصوت في القرآن له أنواع متباينة، وله مدد زمنية متفاوتة، وقد استحدث لها علماء الصوتيات المحدثون أجهزة متناهية الدقة بالغة الحساسية، لقياس زمن مد الصوت وشدته وقوة تردداته وعددها، نأمل أن تتطور تلك الأجهزة في شكلها وحجمها وثمنها لتصبح سلعة سهلة التناول والتداول كالمحمول فلا شك أنها حينئذ ستكون عاملا مساعدا لكل مبتدئ يريد أن يدرب نفسه على قياس أو ضبط أزمنة المدود وإلى أن يتحقق ذلك بمشيئة الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015