وَلْيَبْذُلْ نفسَه للطلبةِ الأخيار، لا سيما إذا تَفرَّد. وَلْيَمْتَنِعْ مع الهَرَمِ وتغيُّرِ الذهن. وَلْيَعْهَد إلى أهله وإخوانه حالَ صحته: أنكم متى رأيتموني تغيَّرتُ، فامنَعُوني مِن الرواية.
فمن تَغيَّرَ بسُوءِ حفظٍ، وله أحاديثُ معدودة قد أَتقَنَ روايتَها (?) : فلا بأس بتحديثِه بها زمنَ تغيُّره. ولا بأس بأن يُجيزَ مرويَّاتِه حالَ تغيُّره، فإنَّ أصولَه مضبوطةٌ ما تغيَّرَتْ، وهو فَقَدْ وَعَىَ (?) ما أجاز. فإن اختَلَط وخَرِفَ، امتُنِعَ مِن أخْذِ الإجازةِ منه.
ومِن الأدب أن لا يُحدِّثَ مع وجودِ مَن هو أَولَى منه، لِسِنِّه (?) وإتقانِه. وأن لا يُحَدِّث بشيءٍ يرويه غيرُه أعلى مِنه. وأن لا يَغُشّ المبتدئين (?) ، بل يَدُلّهم على المُهِمّ، فالدِّينُ النصيحة. فإنْ دَلَّهم على مُعَمَّرٍ عامِّيٍّ، وعَلِمَ قُصورَهم في إقامِة مرويَّاتِ العامِّيِّ، نَصَحهم ودَلَّهم على عارفٍ يَسمعون بقراءتهِ، أو حَضَر مع العامِّيِّ ورَوَى بنُزولٍ، جَمْعاً بين الفوائد.
ورُوي أنَّ مالكاً رحمه الله كان يَغتسِلُ للتحديث، ويَتبخَّرُ،