- وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: الْحَمِيلُ غَارِمٌ.
- وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي رَجُلٍ حَمَلَ لِرَجُلٍ بِصَاحِبِهِ لِغَدٍ، فَخَرَجَ الَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ مِنْ لَيْلَتِهِ؛ قَالَ: يُغَرَّمُ الْحَمِيلُ الْمَالَ مِنْ مَالِهِ.
- وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ مُحَمَّلٌ بِالرَّجُلِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، ثُمَّ يَغِيبُ فَيَمُوتُ؛ قَالَ يُغَرَّمُ الْحَمِيلُ مَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ.
- وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَتَحَمَّلُ لَهُ رَجُلٌ بِالْحَقِّ، فَيَحِلُّ الْحَقُّ فَيُرِيدُ طَالِبُ الْحَقِّ أَنْ يُبَاعَ لَهُ مَالُ الْحَمِيلِ، فَيَقُولُ الْحَمِيلُ: ابْدَأْ بِمَا قِبَلَ غَرِيمِكَ، فَيَأْبَى؛ قَالَ: يَبْدَأُ طَالِبُ الْحَقِّ بِأَيِّ الرَّجُلَيْنِ شَاءَ، فَيُبَاعُ مَالُهُ حَتَّى يُقْضَى حَقُّهُ، ثُمَّ يَصِيرُ الْحَمِيلُ يَطْلُبُ ذَلِكَ قِبَلَ صَاحِبِهِ، وَإِنْ قَالَ الْحَمِيلُ: لا تَعْجَلُوا بَيْعَ مَالِي حَتَّى يُبَاعَ مَالُ الْغَرِيمِ، فَمَا بَقِيَ كَانَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخَّرَ طَالِبُ الْحَقِّ لِذَلِكَ.
- قَالَ مَالِكٌ: يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْحَمِيلِ إِذَا مَاتَ تَحَمَّلَ بِهِ؛ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يُبْدَأُ بِمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ عَلَى الْحَمِيلِ.
- قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ تَتَحَمَّلُ بِالْمَالِ عَنْ أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ بِوَجْهِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا؛ قَالَ: أَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بِنَحْوِ مَا يَجُوزُ مِنْ هِبَتِهَا وَعَطِيَّتِهَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ ثُلُثِ مَالِهَا.
- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: حِمَالَةُ الْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِهَا جَائِزَةٌ.
- وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَى امْرَأَةٍ دَيْنٌ فَلَزِمَهَا بِدَيْنِهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: حَقُّكَ عَلَيَّ، ثُمَّ هَلَكَتِ الْمَرْأَةُ؛ قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَتْبَعُهُ بِهِ.
- وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَلَزِمَهُ فَتَحَمَّلَ بِهِ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ: أَنَا لَكَ بِمَالِكَ، فَخَرِّقْ ذِكْرَ الْحَقِّ عَلَيْهِ، وَاطْلُبْنِي بِمَا عَلَيْهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ تَحَوَّلَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ كَانَ لِلْغَرِيمِ إِلا حِمَالَةً، فَشَقَّ صَحِيفَتَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ؛ وَصَارَ يَطْلُبُهُ بِحَقِّهِ حَتَّى أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً؛ قَالَ: يَرْجِعُ صَاحِبُ الْحَقِّ إِلَى غَرِيمِهِ الأَوَّلِ لأَنَّ الْمُتَحَمِّلَ إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَعَدَ رَجُلا أَنْ يُسْلِفَهُ وَيَقْضِيَ عَنْهُ، فَهُوَ لا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَقْضِيَ غَرِيمُهُ عَنْهُ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ غُرَمَاءَ الْمُفْلِسِ الْحَمِيلِ لَوْ قَالُوا لِلَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ عَنْهُ: هَلُمَّ هَذَا الَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ صَاحِبُنَا عَنْكَ نَقْسِمْهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى هَذَا الَّذِي تَحَمَّلَ عَنْهُ أَنْ يُؤْخَذَ مَالُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَخَذَهُ، وَلا قَضَاءً عَنْهُ؛ فَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ مِنَ الْحِمَالَةِ فَهُوَ يَرْجِعُ، وَلَكِنْ مَا كَانَ مِنَ الْحَوْلِ فَهُوَ الَّذِي يَثْبُتُ؛ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى رَجُلٍ ذَهَبٌ وَيَكُونُ لِلَّذِي عَلَيْهِ الذَّهَبُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ مِثْلُ تِلْكَ الذَّهَبِ، فَيُحِيلُ الَّذِي عَلَيْهِ الذَّهَبُ غَرِيمَهُ الَّذِي يَطْلُبُهُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ حَقٌّ فَيَحْتَالُ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَى غَرِيمِ صَاحِبِهِ فَيُفْلِسُ، فَذَلِكَ الَّذِي لا يَرْجِعُ.
- وَقَالَ لِي مَالِكٌ: إِنَّ مَنْ أَمْرِ النَّاسِ الْجَائِزِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الرَّجُلَ يَكْتُبُ حَقَّهُ عَلَى الرَّجُلَيْنِ فَيَشْتَرِطُ أَنَّ حَيَّكُمَا عَنْ مَيِّتِكُمَا، وَمَلِيئَكُمَا عَنْ مُعْدِمِكُمَا؛ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحِمَالَةِ يَتَحَمَّلُ بِهَا أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ.
وَأَخْبَرَنِي الثِّقَةُ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ ذَلِكَ.
- وَأَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: يُقَالُ: لا تُقْبَلُ حِمَالَةٌ فِي دَمٍ وَلا فِي زِنًا وَلا فِي سَرِقَةٍ وَلا فِي شُرْبِ خَمْرٍ وَلا فِي شَيْءٍ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، وَتُقْبَلُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ.
- وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الرَّجُلِ يَتَحَمَّلُ عَنِ الرَّجُلِ بِالْحِمَالَةِ بِجُعْلٍ، فَقَالَ: حَرَامٌ، لا يَحِلُّ.
الْحَوْلُ بِالدَّيْنِ