أخبرنى محمد بن يحيى، قال: سمعت القاضى إسماعيل بن إسحاق يقول اعتلّ أحمد بن المعذّل فلم يعده أبو حفص الرياحى، وكان صديقه، ولزمه فى علّته سليمان بن حرب، وبسر بن داود المهلبى، فكتب إليه أبو الفضل أحمد بن المعذل:
سلام أبا حفص عليك ورحمة ... وإن كنت عنّا نائيا متجافيا
كفاك سليمان بن حرب عيادتى ... وما زال بسر بالزيارة وافيا
وما منهما إلّا تراخيت دونها ... وما كنت عن كلتيهما متراخيا
وقد قال بعض المنصفين مقالة ... مضت مثلا بين الأخلاء جاريا
وإنى لاستحيى أخى أن أرى له ... علىّ من الحقّ الذى لا يرى ليا
قال محمد: وهذا بيت تأوّله أحمد بن المعذل على غير وجهه، والبيت لجرير «3» ؛ تأوّل أنه يستحيى أن يرى لصديقه حقّا، ولا يراه ذلك له. وهذا مما لا يستحيى منه؛ لأنه تفضّل، ولو قال: وإنى لآنف وما أشبه هذا كان له تأول، فأما معنى البيت والذى أراده جرير عند الحذّاق فهو: وإنى لأستحيى أن أرى لصديقى عندى حقا وأيادى لا أكافئه عليها، ولا أرى لى عنده مثلها؛ فهذا الذى يستحيى منه.
حدثنى على بن هارون وغيره أنّ على بن الجهم لما ابتدأ قصيدته التى مدح فيها المتوكل بقوله:
الله أكبر، والنبىّ محمد، ... والحقّ أبلج، والخليفة جعفر