عند دعبل بن على أنا والعمراوى «204» فى سنة خمس وثلاثين ومائتين بعد قدومه من الشام، فذكرنا أبا تمام، فجعل يثلبه، ويزعم أنه كان يسرق الشّعر، ثم قال لغلامه:
يا نفنف «205» ! هات تلك المخلاة، فجاء بمخلاة فيها دفاتر، فجعل يمرّها على يده حتى أخرج منها دفترا، فقال: اقرءوا هذا. فنظرنا فإذا فى الدفتر: قال مكنف أبو سلمى من ولد زهير بن أبى سلمى، وكان منزله قنسرين، وكان هجاذفافة العبسىّ بأبيات منها «206» :
إنّ الضّراط به تعاظم «207» جدّكم ... فتعاظموا ضرطا بنى القعقاع
قال: ثم رثاه بعد ذلك بقوله «208» :
أبعد أبى العباس يستعتب «209» الدهر ... وما بعده للدهر عتبى «210» ولا عذر
ولو «211» عوتب المقدار والدهر بعده ... لما أعتبا ما أورق السلم النّضر
ألا أيها الناعى ذفافة ذا «212» الندى ... تعست وشلّت من أناملك العشر
أتنعى فتى من قيس عيلان صخرة «213» ... تفلق عنها من جبال العدا الصّخر
إذا ما أبو العباس خلّى مكانه ... فلا حملت أنثى ولا مسّها طهر
ولا أمطرت أرضا سماء، ولا جرت ... نجوم، ولا لذّت لشاربها الخمر [197]
كأنّ بنى القعقاع يوم وفاته ... نجوم سماء خرّ من بينها البدر
توفّيت الآمال بعد ذفافة «214» ... وأصبح فى شغل عن السّفر السّفر